روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | الأبناء...بين التفريط والإفراط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > الأبناء...بين التفريط والإفراط


  الأبناء...بين التفريط والإفراط
     عدد مرات المشاهدة: 1938        عدد مرات الإرسال: 0

من الآباء والأمهات من لا يعرف غير لغة الضرب في تقويم سلوك أبنائهم، ومنهم من ترك الحبل على الغارب وفتح لأبنائه أوسع أبواب الحرية ولم يحل لنفسه أن يلمس بيده أحد أبنائه خوفا عليه من الكسر، وبين أولئك وهؤلاء فئة قليلة جدا عرفت كيف توازن بين اللين والشدة ووفقت إلى منهج وسط في تربية أبنائهم، وهم الذين أنتجوا وينتجون قادة المجتمع في كل مجال وفي كل جيل. ونظرية الوسط في تربية الأبناء قائمة على رفض مبدأ الضرب كأسلوب واحد في تربية الأبناء، لما يترتب على ذلك من نشوء صدمات نفسية يخزنها العقل الباطن للطفل، وتنشأ عنده الخوف وتوقع الخوف، وعدم الإنطلاق في الكلام أو التعبير عن نفسه أمام مجموعة من الناس، والخوف الدائم من الفشل والتردد في اتخاذ القرارات.

كما تنشأ عنده صفة الغضب، وغالبا ما ينحرف مثل هؤلاء إنتقاما لما أصابهم من ضرب مبرح من آبائهم وأمهاتهم دون أن يفهموا الخطأ الذي وقعوا فيه.

كما أن هذه النظرية ترفض أيضا مبدأ إعطاء الحرية الكاملة من غير أي ضوابط أخلاقية وإجتماعية، وإعطاء الأطفال كل ما يريدون، أو ما يسمى عندنا بـ الدلع الكامل ذلك لأن هذا التدليل أو التدليع يسبب كثيرا من الصفات السيئة في الطفل، كالإتكالية الكاملة على الغير، والتمرد عندما لا نلبي حاجاته، وحب السيطرة على ملك الغير، والظلم في سبيل تحقيق ما يريد، وإحتقار الآخرين، والغرور، والتكبر... لآخر هذه الخصال السيئة.

وبالتالي فإن منهج الوسط يقف بين هاتين المدرستين فهو يقر قضية الضرب للأبناء لكنه لا يعتمدها كأصل في منهج العقوبة، بل يجعلها في آخر قائمة العقوبات، وذلك بعد أن يستنفد جميع ألوان العقوبات كأن يبدأ بالتوبيخ، أو إبداء الغضب في الصوت أو تقاسيم الوجه، أو عدم التحدث اليه، أو حرمانه من النزهة، وفي كل هذه العقوبات يوضح له سبب العقوبة ويتأكد من فهمه للخطأ الذي اقترفه، ولابد أن يسبق تلك العقوبة التوضيح تلو التوضيح لمعنى ذلك الخطأ وخطورته، وما يترتب عليه من السلبيات.

كما أن الحرية التي تعتمدها هذه المدرسة منضبطة بضوابط أخلاقية، فله الحرية أن يعبر عن رأيه بشرط ألا يجرح أحدا أو يسب أو يستهزئ بأحد، وله أن يختار الصديق الذي يريد بحيث ألا يكون ذلك الصديق ذا سلوك شائن يؤثر عليه، وهذا هو دور الأب والأم في متابعة الأبناء وتربيتهم وعدم إلقاء هذه المسؤولية على طابور الخدم والخادمات.

الكاتب: الشيخ عبد الحميد البلالي.

المصدر: موقع المستشار.